في تلك السنوات جاءت يوميات كافكا، ونصوصه السردية ورسائله لتبني فضاء مأزوما يقف الإنسان فيه وحيدا ومنعزلا وعاريا في مجابهة قوى خفية مسيطرة، يلاحقه شعور جارف باللاجدوى واهتزاز الكينونة. مثلما تبلور في تلك المدة أسلوب كافكا السردي القائم على التدفق والاسترسال والحوار الداخلي والمزج بين الحلم والواقع، وهو ما أدى إلى إنتاج عوالم رمزية شديدة الغموض، تحيل العالم المادي المشخص إلى كيان هلامي مسكون بالسوداوية والرعب.
ما هي القواسم المشتركة بيني وبين اليهود؟ إنه لا يكاد يوجد قواسم مشتركة بيني وبين ذاتي، ويتوجب علي أن أقف في الزاوية سعيدا لأنني أستطيع التنفس
تتكون اليوميات في العادة من مجموعة التجارب والخبرات والملاحظات والرؤى التي يعيشها كاتبها ويقوم بتدوينها من غير أن يقصد نشرها. وقد حرص كافكا على الدوام أن تظل يومياته حبيسة أدراجه، لا تكاد تعرف عنها إلا دائرة ضيقة من الأصدقاء والمقربين.