رواية لكل ما له
ليوناردو شاشا تلك الشّخصيّة، التي استعادت عنها أرملة مانّو ذكريات عن خباثات صغيرة لبنات المدرسة الدّاخليّة، وعن ظلّ راهبة كانت تعشقها. تلك الشّخصيّة كانت جالسةً أمام لاورانا، تحت ضياء خافت يدخل المكان بالكاد عبر الستائر الثقيلة التي أُسدلت كدلالة حِداد. وكانت دلالات الحِداد منتشرة في أرجاء المنزل جميعها، كما غُطّيت المرايا بأقمشة سوداء أو داكنة، وكان أكثر الأمور تعبيراً عن الحِداد تلك صورة فوتوغرافية بالحجم الطّبيعيّ، أعدّها المصوّر الفوتوغرافي في مركز المحافظة، وجلس ليضيف إليها الرتوش بكآبة فظيعة، وبعلائم الحِداد سواء في البدلة التي كان يرتديها المرحوم أو في ربطة عنقه (فالذائقة المجتمعية والجماليّة للمصوّر الفوتوغرافيّ، جعلته يؤمن بأنّه ينبغي على سيماء الموتى جميعهم أن تحمل دلالات عن الموت نفسه حين تُنتج صورهم لغرض الحِداد). كانت تلك الصور تُعبّر جميعها عن حالة من الحزن القاتم، فيما تُفصح الشفتان والنظرة المُتعبة المتوسّلة عن إنهاك متكاسل. كان الضياء الضئيل الذي يُنير الصورة يُظهِر الميت وكأنّه ممثّل كوميدي ثانوي، جُمِّلَ بمكياج شخصية خياليّة.