تعرض الكاتبة والمؤرخة الألمانية أوتا فريفرت في كتابها “سياسة الإذلال – مجالات القوة والعجز”، الصادر حديثاً عن “دار ممدوح عدوان”، جوانب عديدة للعار الذي يلحق بالأفراد وبالدول، العار الذي تصنعهُ سياسات خاصّة، ومن ثمّ تستثمرهُ في إخضاع الآخرين. الكتاب الصادر بترجمة الأكاديمية هبة شريف عن الألمانيّة، بحثُ يمتدُّ من عصور التشهير في السّاحات العامّة إلى عصور التشهير عبر الإنترنت، وهو بحثُ في الكرامة الإنسانية وفي كرامة الأوطان.
بعد تحليل عددٍ كبيرٍ من حوادث عامّة لتشهيرٍ وإذلال، حوادث جرت في الشوارع أو في أروقة الدبلوماسية، عبر مقاطع مصوّرة تداولها روّاد الإنترنت لاستعراض أخطاء الآخرين وتوبيخهم، وتلقينهم دروس الطاعة، تخلص الباحثة إلى حقيقة أنّ الإنسان لم يغادر العصور الوسطى بعد، حيثُ كانت تسود وسائل عقابيّة قائمة على امتهان كرامة الإنسان أمام أبناء جنسهِ، وما تزال أساليب القرون الوسطى متخفيّةً في المؤسسات وفي المجتمعات، من خلال التنمّر، والإذلال الناعم.