يعتبر أورسينا كتابه هذا، وعدداً من الكتب الأخرى وضَعها بالأسلوب ذاته، تحقيقات علميّة. وهو يجنّد لها إضافة إلى معارفه العلميّة الواسعة حيويّة في البحث والتنقّل، حيثما قادته مادّة بحثه، من أقصى العالَم إلى أقصاه. وقد كتب هذا العمل مستعيناً بمعارف الدكتورة إيزابيل دو سانت أوبان، وهي طبيبة متخصّصة بأمراض الأوعية الدمويّة، ساهمت في تهيئة الكتاب بصفتها مستشارة علميّة لواضعه، ومعاوِنةً له في التوثيق والبحث. فلوضعِ هذا العمل قاما بسلسلة رحلات حقيقيّة وفكريّة عبر العالَم، ودرَسا مستعمرات البعوض ووسائل تفادي لسعاته والمعالجة من الإصابة، بما يحمله من أمراض وأوبئة، واستعرضا هذا كلّه مع العاملين في الميدان في أهمّ المواقع المعنيّة به.
فالكتاب كما يؤكّد المُراجِع، متعدّد الانتماءات والوجوه، يجمع المغامرة الفكرية والرّحلة البحثيّة إلى هوس التنقيب في بطون الكتب والموسوعات العلمية وفنّ المحاورة الرّفيع، يستعيد فيه الروائيُّ الشّهير روحَ التلميذ أو طالب العِلم الذي يستمع بأذنين صاغيتين إلى شروح أساتذة الميدان وخبرائه، ويسجّل عنهم تطوّرات نضال متراكم ومتعدّد، خيض ولا يزال يُخاض، في مواجهة البعوض. هذا كلّه يأتينا عبر لغة روائيّ كبير الدّربة، ذي عمل واسع في هذا المجال، بارع في فنّ التشويق والعرض المغري للوقائع والأفكار.
للروائيّ والمفكّر الفرنسيّ إريك أورسينا،
والباحثة العلميّة والطبيبة الفرنسيّة الدكتورة إيزابيل دو سانت أوبان.
ومن ترجمة محمّد الخضيري،
وراجعها وقدّم لها الشّاعر والأكاديميّ كاظم جهاد.