تتسم رواية دوستويفسكي “الجريمة والعقاب” بأن أبطالها يغلب عليهم الإحساس المفرط والذكاء وخيال فوق العقل، وهي تكاد تخلو جميعاً من العقدة إلا القليل جداً. وهو في روايته يتناول الواقع ثم يسير به نحو غايات من الفن والشعر، ونحن نتحسس فيها أيضاً فرط حنانه وروعة خياله. وعلينا أن لا ننسى أن فيودور كان مريضاً، وأن عمله الأدبي هو وليد أعصاب متشنجة مرتجفة، وجسمه كان يحمل أكثر علامات الآلام قسوة من تلك الصورة المفجعة للموت ألا وهي داء الصرع، وقد وصل بفضل مرضه إلى ذروة الفن استناداً إلى قاعدة “ستاندال”: إيجاد إحساسات جديدة.
“الجريمة والعقاب” تعبير صارخ عن نزعة صاحبها الدينية إيمانه أن على الإنسان أن يأثم وينال عقابه وعذابه كي تتطهر روحه وتخلص من أدرانها، وقد عدها النقاد من أروع الأعمال الأدبية في تاريخ الأدب العالمي، تتميز بأمانتها في تصوير الأوضاع الظالمة التي تسيطر على المجتمعات الإقطاعية الفاسدة، وتدفع الناس الذين يحيون فيها إلى اقتراف الجرائم والتردي في حمأة الرذائل.
فيودور دوستويفسكي